الأعداد السابقة
المجلد :17 العدد : 117 1997
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
بطولة ابن القارح في رسالة الغفران
المؤلف : مرسل فالح العجمي
من الحقائق المعروفة عند من له أدنى إلمام بالأدب العلائي ، أن رسالة الغفران كتبت رداً على رسالة كان قد أرسلها إلى أبي العلاء علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح . يتناول هذا البحث حضور/ بطولة ابن القارح في رسالة الغفران - الذي جاء على مستويين: الأول: بطولة خارج النص - باعتبار أن رسالة ابن القارح هي السبب المباشر والعملي الذي أدى إلى كتابة رسالة الغفران. والثاني: بطولة داخل النص حيث حضر ابن القارح في تلك الرسالة في مكانين مختلفين وبصورتين متمايزتين. ففي القسم الأول من رسالة الغفران الذي جاء على شكل قصة متخيلة لرحلة أخروية ظهر ابن القارح في صورة تقترب إلى حد كبير من صورة البطل بالمعنى الروائي الحديث، لأن ابن القارح في هذا القسم القصصي كان البطل المركزي الذي تتمحور حوله الشخصيات والأحداث. وتجدر الإشارة إلى أن ابن القارح في هذا القسم كان منفعلاً، لأن أبا العلاء استخدمه في هذا القسم « قناعاً »، يعبر به ومن خلاله عن بعض الأفكار والمواقف. أما في القسم الثاني الذي يشكل القسم الجوابي فقد كان حضور ابن القارح حضوراً فاعلاً لأنه هو الذي يحدد المواضيع محل النقاش في هذا القسم؛ حيث كان أبو العلاء يرد في هذا القسم ( الجواب) على رسالة ابن القارح فقرة فقرة.
ولأن هذا الحضور القارحي في رسالة الغفران، يعتمد على قراءة أبي العلاء لرسالة ابن القارح ، لم أكتف بقراءة رسالة الغفران وإنما انطلقت من قراءة الرسالتين بحسب تسلسلهما التاريخي، ولهذا بدأت برسالة ابن القارح لأنها الأسبق في الفعل والزمن. ورغبة في الوصول إلى « المعنى العميق » الكامن وراء كل رسالة استخدمت نوعين من القراءة، وبدأت بقراءة الرسالتين – في تتابعهما الزمني - « قراءة مطابقة » ثم انتهيت بقراءة « تأويلية » تعتمد على استنطاق النص وملء الفراغات المسكوت عنها في الرسالتين باستخدام هذين النمطين من القراءة، تكشفت الرسالتان عن شخصيتين متناقضتين كل التناقض هما: شخصية المتبجح في رسالة ابن القارح، والمتهكم في رسالة الغفران.