الأعداد السابقة

عنيت هذه الدراسة بالبحث في أهداف طرق عرض المعاني في القرآن الكريم وخصائصها الأسلوبية، وقد ركزت على خمس منها رأيت أنها الأكثر استخداماً في التعبير القرآني وهي: السرد المباشر (التلقين)، والحوار، والقصص، والتصوير، والمقابلة.

واعتمدت الدراسة على منهج ينظر إلى الموضوع من زاويته العامة التي تستوفي الجو العام للقرآن الكريم، ودراسة كل طريقة وفق المناهج الأسلوبية الحديثة التي تفضل الدراسات المنهجية القائمة على الإحصاء، والخصائص العامة.

وقد كان من أهداف طرق العرض في القرآن الكريم تحقيق حاجات المخاطبين إلى الإقناع والإمتاع، وذلك باختيار الطرق التي تحرك العقول، وتدعو إلى التفكير، وتوفر الحاجات السيكولوجية والمبررات النفسية من خلال الجمال الفني المؤثر في التعبير والذي يساعد النفوس على تقبل الخطاب والاستمتاع به.

وقد امتازت هذه الطرق بجملة من الخصائص الأسلوبية يمكن إجمالها في ثلاث نقاط هي : أولاً : أنها تمتاز بقدرتها على عرض المعاني مشبعة بالأدلة فياضة بالبراهين، وهي قريبة التناول، سهلة الإدراك على الناس، وثانياً: تمزج هذه الطرق بين الحقيقة الدينية والغرض الأدبي تحقيقاً لعنصر الجمال الفني في التعبير، وثالثاً: تمتاز هذه الطرق بالتلوين والتنويع في أساليب الأداء، ولا يتبع القرآن تلك الطرق الوعرة التي يفضلها الفلاسفة وأهل الكلام، وإنما يختار منها ما كان مناسباً للفطرة البشرية، وما كان قريباً إلى البداهة والحس.