يتناول البحث قبيلة تميم باعتبارها أحد التجمعات القبلية الكبرى التي تندرج تحت مجموعة أعاريب نجد التي لعبت دوراً بارزاً في الجاهلية والإسلام.
أما نسبها فهي تنتمي إلى القبائل العدنانية، سكنت أرض نجد الواسعة وتفرقت على اليمامة والبحرين والبصرة وسكن بعض بطونها بلاد الشام، فكونت مجمعات كثيرة فيما بعد.
وتميم من قبائل البادية الصلبة التي تأبى الخضوع لغيرها. وقد عرفت بتاريخها الحربي في الجاهلية والإسلام. وتاريخها موغل في القدم، وفي مصادرنا التاريخية الكثيرة من أخبارها.
ولهذه القبيلة علاقات مع القبائل الأخرى، ومع العالم الخارجي قبل الإسلام؛ ففي مجال العلاقات مع القبائل العربية، امتازت بميزتين رئيستين أولهما العلاقات السلمية وثانيهما العلاقات وقت الحرب، ففي وقت السلم تميزت هذه العلاقات بظاهرة الصلات الاجتماعية البحتة مثل المصاهرات والقربى والإجارة، بالإضافة إلى العلاقات السياسية والاقتصادية.
وأما العلاقات وقت الحرب فقد تميزت بالظروف التي فرضتها طبيعة الحروب آنذاك، وفي كلتا الحالتين السلم والحرب، كانت تهدف إلى تحقيق مصالحها الحيوية بالدرجة الأولى، أما علاقاتها مع الحيرة الموالية للفرس أو مع القبائل العربية الموالية للبيزنطيين في بلاد الشام، فقد ارتبطت بالمنافسة الشديدة بين فارس وبيزنطة؛ إذ كان كل منها يرغب رغبة شديدة في مد نفوذه إلى داخل شبه الجزيرة العربية.
أما من الناحية الدينية فقد شاركت القبائل العربية عبادات شبه الجزيرة، وكان للتوزيع الجغرافي للقبيلة أثر في ترسيخها، ففي شبه الجزيرة عبدوا الأصنام والأجرام السماوية، وفي الحيرة اعتنقوا المجوسية، وفي اليمن انتشرت بينهم الديانة المسيحية، حتى جاء الإسلام فدخلوا فيه فيما بعد.
وكانت رغبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - شديدة في ضمها إلى جانبه؛ لما عرف عنها من قوة في رجالها، وكان لدخولها الإسلام أثر كبير تمثل في اشتراكها بالفتوحات الكبرى ونشر العقيدة الإسلامية في مناطق الفتوحات. أما موقفها من السلطة فقد اتسم بالحياد أحياناً وبالانحياز أحياناً أخرى، ولكنها كانت تميل مع الغالب في النهاية. وكان لها دور معروف في عصر الأمويين. أما مع العباسيين فكانت مشاركتها فردية على ما يبدو؛ لكن دورها في المغرب العربي كان رئيسياً، فقد كانت دولة الأغالبة منهم.