الأعداد السابقة
المجلد :27 العدد : 258 2007
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
أثر الشعر العربي في الشعر الفارسي : دراسة نماذج
المؤلف : فكتور يوسف الكـــك
يتناول هذا البحث مقاطع نموذجية ذات دلالة دقيقة وعميقة على التفاعل بين أدبي العرب والفرس، وهو يجري في مسار منهجية الدراسات الأدبية المقارنة ، كاشفاً جوانب بكراً من التنافذ الحيوي بين الشعر الفارسي والشعر العربي، في إطار التراث العربي – الإسلامي المشترك.
وقد اعتمد الباحث في تناول الموضوعات والمطالب التي قبسها شعراء الفارسية من شعراء العربية طريقتي التحليل التفصيلي والاستخلاص الإجمالي ، بعيداً عن التعميمات المكرورة. حتى إننا ، أحياناً ، تتبعنا ، من خلال النتافذ المشار إليه ، رحلة (( خلايا )) المعاني في الشعر ، منطلقين من طول معاشرتنا لآداب الفارسية التي تعود إلى سبع وأربعين سنة . لذلك اعتبرنا تراثي الأمتين (( ملحمة ثقافية مشتركة )) ، وهو العنوان الذي استهللنا به بحثنا . فبعد أن تناولنا دمغة القرآن واللغة العربية للثقافة الإيرانية ، واعتبرنا إنتاج الشعراء ذوي اللسانين ( العربي والفارسي) معبراً لازدهار الشعر الفارسي، تبين لنا أن شعراء الفارسية – شأنهم في ذلك شأن النخبة من أولى الأمر والمثقفين في إيران القديمة – نظروا إلى الشعر العربي على أنه مثل أعلى يقتدى به وينهل من معينه. لذلك بالغوا أحياناً كثيرة ، في استعمال المفردات والتعابير العربية ، وفي اقتباس النهج الشعري العربي وعمود الشعر العربي ، غير مكتفين باقتباس معظم أوزان العشر العربي، بل متجاوزين ذلك إلى معارضة القصائد العربية الذائعة الصيت.
ولكم أعجب شعراء الفرس ، خلال القرون ، ولا سيما خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين، وأواخر القرن الثالث ، بمضامين الشعر العربي وأغراضه وفنونه ، فنهلوا منها ما شاء لهم طبعهم . وهكذا على الرغم من النزعة القومية الإيرانية التي أحياها الدقيقي والفردوسي وسواهما في قصص (( الشاهنامة )) وسواها من سير ملوك الفرس وأبطالهم ، والتي كانت تعبيراً عن معارضتهم سلطة العرب وهيمنتهم . عمد شعراء الفرس ، في أكثريتهم ، إلى تقليد شعراء العربية كالمناظرة ورمزية الغراب إلى افتراق الأحبة ( غراب البين ) ، وهذا الأخير لا يجري في سياق تراث إيران الاعتقادي ، ولا سيما الزرادشتي السابق للإسلام والمرافق لمسيرته في بلاد فارس.