الأعداد السابقة

أثار فكر ابن خلدون، ولا يزال يثير النقاش لدى كثير من الباحثين المحدثين والمعاصرين، وبخاصة من زاوية السؤال والتساؤل حول مصادر فكره، هذا الفكر الذي قدمه في مقدمته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، لطرافتها، وفرادتها، وسبقها، ومواكبتها في أطروحاتها لكثير من القضايا التي أثيرت في الفكر الإنساني الحديث، حيث إن الجدالَ حول فكره والتخاصمَ في شخصه أسفر عن الفُرُقِ الآتية:

‍*فريق أكد على أصالة فكر ابن خلدون وانتمائه لعقل ابن خلدون وتجربته دون منازع.

*وفريق يصر على خلاف ذلك، وعلى أن لا جديد ينسب لابن خلدون بالأصالة، وإنما هي لمفكرين كثيرين سبقوه في التأسيس، ولم يكن له من فضل فيما جاء به سوى فضل الصياغة الخلدونية.

*وفريق ثالث يذهب إلى حد التشكيك في مصداقية ابن خلدون باتهامه بالنقل والسرقة وإخفاء المصادر.

وأعتقد أن العدل والإنصاف إذا تُحُريا في حق الرجل وفكره يُوجِدا رأيا رابعا وسطا لا يغالي ولا يفرط فيه، لعل فيما حاولته وجها من وجوه التأسيس لفريقه.

أما المنهج المتبع في هذه الدراسة فهو منهج الاستقراء والاستنباط والتحليل، ذلك الذي أوقف على العملية الفكرية التحويلية التي تمت لدى ابن خلدون في التعاطي مع المصادر المختلفة من أجل إنتاج فكر جديد ينتمي بالأصالة إلى عقل ابن خلدون خاصة