الأعداد السابقة
المجلد :15 العدد : 43 2000
أضف إلى عربة التسوق
تنزيل
أسـُس العلاقة بيَن معَاني القرآن بتعَدّد القراءات
المؤلف : د. غسّان عَبد السَلام حمدون
أسـُس العلاقة بيَن معَاني القرآن بتعَدّد القراءات
د. غسّان عَبد السَلام حمدون
إن أول معلم في البشرية لقراءات القرآن الكريم : هو محمد - e - الذي علمها أصحابه ، ثم علمها أصحابه التابعين ، ثم تسلسلت القراءات في طبقات القراء في الأمة الإسلامية ، فكل طبقة تعلم الطبقة التي بعدها ، فكان قراء للقراءات على مدى التاريخ الإسلامي ، وكان منهم أيضاً : قراء جامعون ، جمعوا قراءات متعددة ، وكان منهم أيضاً قراء جامعون جمعوا قراءات متعددة ، وكان من أشهرهم : ابن الجزري الدمشقي المتوفى 833 هـ / 1429م الذي يعتبر أكبر جامع للقراءات المتواترة الصحيحة ، ومن خلال ملاحظة معاني هذه القراءات المتعددة تبين له أن بينها علاقة بأسس ثلاثة في القرآن كله وهي :
1. اختلاف لفظ القراءة للكلمة الواحدة والمعنى واحد : وسبب اختلاف اللفظ هو أن العرب كانوا قبل الإسلام يتكلمون بلغات مختلفة في بعض كلماتهم ، فجاء القرآن على بعض هذه اللغات ، ولا على كلها . ومن الأمثلة على ذلك : قراءة الميت ي قوله تعالى : ( وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي )(1) تقرأ أيضاً الميت وردت كل قراءة مرتين في الآية ، والقراءتان هما لغتان عند العرب بمعنى واحد ، قال الشاعر الجاهلي عدي بن رعلاء الغساني المتوفى سنة 582 م :
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
2. اختلاف اللفظ والمعنى جميعاً للقراءتين مع جواز اجتماعهما في شيء واحد والمقصود بهذا : اجتماعهما بأمر مشترك في المعنى . ومن الأمثلة على ذلك قراءة ملك في قوله تعالي ( مالك يوم الدين ) ( السورة رقم 1 الآية رقم 4 ) ولها قراءة ثانية وهي مالك والمراد بالقراءتين : هو الله تعالى ، لأنه مالك يوم الدين وملكه ، فهذا هو وجه الاشتراك بين القراءتين . هذا ما ذهب إليه أبن الجزري في النشر 1/50 ، ومن وجه آخر كل ملك هو مالك ، فالله ملك يوم الدين يشمل مالك يوم الدين ، وكلمة مالك تشمل أحيانا المُلك مصدر يملُك قال تعالى(قل اللهم مالك الملك )(آل عمران الآية 3) فحصل الاشتراك بملكية يوم الدين على القراءتين .
3. اختلاف اللفظ والمعنى في القراءتين واتفاقهما من وجه آخر لا يقتضي التضاد .
ذلك في قوله تعالى ( حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا ) (يوسف الآية : 110 ) – قراءة ( كُذبوا ) في الآية بكسر الذال تقرأ بقراءة أخرى وهي ( كُذَّبوا ) بتشديد الذالُ ، أما تفسير النص مع قراءة التشديد فهو : حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم وتيقنوا من أن قومهم كذبوهم أتاهم نصرنا .
أما على قراءة الكسر للذال دون تشديد ( كُذبوا ) فقد اختلف المفسرون في تفسير طن الرسل في الآية على قولينُ أما القول الأول الذي ذهب إليه ابن الجزري هو أن الظن بمعنى الشك الذي كان من اتباع الرسل – النشر (1-50) فقدر ابن الجزري كلمة أتباع قبل كلمة الرسل في الآية ، أي أن أتباع الرسل يئسوا وشكوا أن الرسل قد كذبوهم فيما ادعوه من البنوة وفيما وعدوا به ...